الكوم تلك الواحة الجميلة في البادية السورية الثائرة منذ القدم والتي تمردت على نظام "الخوة" التي فرضتها قبائل البدو الكبيرة (السبعة والرولة من عنزة ) على سكان البادية وجابهتهم مما أدى إلى نزوحها الأول إلى مدينة السفيرة في ريف حلب ومن ثم عاد أهلها بصورة أقوى وأشرس بزعامة "الشيخ عنوزي" وانتزع أهلها حقوقهم مرة بالسياسة ومرة بالسيف وقاسموا كبار القبائل بملكية أراضي البادية بل وأخذوا الحصة الأكبر وحصلوا بالنهاية بعد صراع طويل على (طابو عنوزي ) الذي يعد من أكبر صكوك الملكية في سوريا.
الصورة قديمة تعود لبداية الألفين بعدسة أحد بعثة علماء ما قبل التاريخ في جامعة بازل |
حتى قال عنهم الشاعر بعد انتصارهم على قبيلة السبعة
راكان بالك تطب الكوم ..... والكوم بالكم تطبونه
ترى السخاني عليكم قوم ... كل من تحيزم بكبسونه
(يقصد الشيخ راكان المرشد شيخ عموم السبعة من عنزة )
مضافة الزعيم عنوزي في الكوم |
أولى القرى المحررة
كانت قرية الكوم أولى القرى في البادية السورية التي نالت طعم الحرية وتحررت من نظام الإجرام حيث أنه وبعملية أمنية وسرية وبعد سهرة رمضانية في منزل مختار الكوم و بالتعاون مع أحد عناصر الشرطة يدعى معاذ الديري (لا أعرف الكنية ) وبعض من أصدقائه وأقاربه من دير الزور تمت السيطرة على مخفر الشرطة. قام معاذ بكلبشة (تربيط) عناصر المخفر وهم نائمون ثم جاء أقربائه بالتنسيق مع مختار الكوم (والدي نصر العنوزي ) وأخي لواء ابو رافع وأسروا العناصر وأخذو السلاح واعتقلو رئيس المخفر (ابو شاهين) واثنين من عناصره ومن وقتها لم تعد للنظام سلطة فعلية على الكوم وتسلطت عليها مفرزة الطيبة ولكن لم تكن لهم بيئة آمنه حيث كانو يأتو إليها في النهار وفي دوريات منظمة.
وأصبحت الكوم منذ العام 2012 ملجأ آمنا للثوار وكانت المكان الذي يبيت فيه المنشقون القادمون من تدمر والسخنة وحمص وغيرها قبل أن يذهبوا إلى ريف حلب حيث كانت المعارك في أوجها هناك.
وزادت الكوم من نشاطها السياسي والتجاري وأصبحت مركز تجاري مهم يؤمن ما تحتاجه المناطق المحررة من الوقود والقمح والشعير وغيرها من الأشياء التي كانت تحت سيطرة النظام.
وفي بداية 2013 سيطر الجيش الحر على مفرزة الطيبة وزاد الحقد الإجرامي على الكوم وقصفت لأول مرة بالطيران واستشهد في غارة طيران "علي فريح الشريدة" و "علي إبراهيم العطيش" وزاد القصف على الكوم ظنا من النظام أننا سنرضخ ونستسلم ولكن كان العكس حيث شهدت الكوم الإجتماع التاريخي الذي حضره وطلبه جميع زعماء السخنة حيث كانت كتائب الجيش الحر بقيادة لواء الإسلام تجهز لحملة تحرير السخنة وتمت المفاوضات في مضافة المختار حيث تم الإتفاق بأن ترفع سلطة الأمن عن مدينة السخنة ولا يتجول أي عنصر أمن في المدينة ويبقون في مفارزهم بالمقابل يسمح للجيش الحر الدخول إلى المدينة. وافق النظام مرغم على هذه الشروط وزاد حقده على الكوم وزاد القصف مما أدى إلى نزوح الكثير عن مناطق تجمعاتهم إلى مناطق الرقة وتم استشهاد عائلة كاملة من بني بديوي نتيجة القصف.
وبعدها قاد أخي "لواء ابو رافع" عملية تبادل بين جثث ضباط للنظام تملكهم كتيبة الأقصى وبعض الأسرى وتم هذا التبادل في منزل فيصل القطران في السخنة حيث كان الضامن للطرفين.
سيطرت داعش على قرية الكوم وهجرت ونهبت ما تبقى منها وازداد القصف واقتربت المعارك من الكوم بعد سيطرة روسيا وإيران على السخنة والطيبة هرب جميع أهالي الكوم بعد فقدانهم الأمل في الدفاع عن الكوم حيث قامت داعش بسجن ثوارها وصادرت سلاحهم وأموالهم ، سيطر الروس والإيرانيون على الكوم بعد هزيمتهم داعش وهذا آخر العهد بها.
قدمت الكوم خيرة الشهداء في مواجهة النظام وداعش حيث استشهد المنشق "عبد الإله كاسم المرعي" في مدينة عين عيسى مدافعا عن أهلها وتلاه "زياد عماد العنوزي" مدافعا عن ريف حلب الشمالي من هجمات داعش.
تقريبا أغلب موظفي الكوم من أساتذة وضباط وأطباء ومهندسين وعمال انشقوا عن النظام المجرم.
اليوم أهالي الكوم موزعين على كافة البقاع السورية وفي دول الجوار والمهجر وهم يحلمون بالعودة إلى بلادهم وكأن الشاعر أبا تمام يقال هذه الأبيات في الكوم:
قلب فؤادك حيث شئت من الهوى .. ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى .... وحنينه أبدا لأول منزل
مصدر المقال صفحة حسين نصر العنوزي
اقرأ أيضا
سكان الكوم القدامى بقلم الأستاذ محمود العطيش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق