قبل أن نخوض في تفاصيل المعركة يجب أن نستحضر الأسباب التي أدت إلى المعركة ونتائجها. ففي عام 1917 كان عام جوع وقحط كثرت فيه غزوات القبائل واللصوص وقطاع الطرق على القرى الصغيرة المتواجدة في البادية السورية من أجل النهب والسلب وهذا كان يعتبر من شريعتهم وفيه مفخرة ويقولون أجمل الأشعار في غزواتهم هذه.
الصورة للمخفر القديم تحت التل مباشرة مازالت آثاره موجودة |
قضت تلك الغزوات على كل شيء جميل وعلى جميع مصادر الرزق في الكوم التي كان يتزعمها "عنوزي" فعرض على سكان الكوم الهجرة إلى مدينة السفيرة حيث كان هناك التجمع الأكبر لأقارب أهل الكوم (بني عفي) حيث استقر أهل الكوم هناك وبعضهم اشترى بيت أو حوش (حوش عنوزي) مازال موجود في السفيرة.
هاجر عنوزي وأبنائه بعدها من السفيرة إلى مدينة عين عيسى بعد خلافات مع أقاربه (سكان السفيرة) وعمل هناك في التجارة وكانت تُنقل له أخبار المنطقة عن طريق التجار.
وضع سورية سياسيا
نذهب الآن إلى الوضع السياسي القائم في سوريا والعراق آنذاك لأن له دور كبير في عودة أهل الكوم إلى قريتهم حيث وبعد تنفيذ إتفاقية سايكس بيكو سيطرت بريطانيا العظمى على دير الزور وباديتها وضمتها إلى مستعمرتها. وروجت بحملة إعلامية قوية عن طريق عملائها بأن الدولة الفرنسية لا تضمن الأمن لسكان البادية وتدعم القبائل واللصوص في الغزوات ( طبعا البريطانيين كان هدفهم التنقيب عن البترول وليس حماية السكان ) مما أثار حفيظة الفرنسين وأرسلت فرنسا عملائها ومخبريها للتحقق عن سكان المنطقة الأصليين وسبب هجرتهم. وبعد جمعهم المعلومات سألو عن رأس الكوم ومكان مسكنه وبدأت بينهم مراسلات استمرت لشهور انتهت بوفد من الحكومة الفرنسية والحكومة السورية وكان ضمن الوفد أحمد عبد العزيز (مختار السخنة وكانت له صولات وجولات على مستوى سوريا ولبنان) وأعطو عنوزي الضمانات بحمايتهم من الغزوات وببادرة حسن نية تم استحداث مخفر للدرك في الكوم.
عاد عنوزي عام 1927 إلى السفيرة وأقنع أهل الكوم بالعودة فعاد القسم الأكبر وباشر أهل الكوم عملهم بالزراعة وتجارة المواشي فور وصولهم وازدهرت زراعتهم وجنو بعض المال.
المعركة مع السبعة
الآن نذهب إلى المعركة فبجوار الكوم توجد قرية كديم التي كانت توجد فيها قبيلة السبعة من عنزة وهي قبيلة كبيرة لديها جيش مسلح قوامه ألف رجل أو أكثر يتزعمهم الشيخ راكان المرشد ( أصبح لاحقا عضو البرلمان السوري ) وكان يخيم بجانب الكوم تاجر سلاح فجاء قسم من خيالة السبعة تعدادهم حوالي ثلاثين فارسا كان يتزعمهم فارس القبيلة (يلقب بالحر الأشعل وهو ابن عم راكان) لشراء السلاح والرصاص من المهرب وفي طريق عودتهم مروا على زرع لأحد سكان الكوم (كان يزرع العجور) ودخلو مزرعته بدون إذنه وباستهزاء وبدأوا يأكلون دون أدب حيث كانو يشلعون الشجرة من جذورها ويأكلون الثمار فطلب منهم صاحب المزرعة الأدب وقال لهم أنا أحوش لكم العجور لكن لا تشلعوا الشتل فأجابه الحر الأشعل باستهزاء وازدراء وبلهجة بدوية "سخيني جلب" (يعني سخني كلب) وضربوه فاستصرخ أهل الكوم لنجدته ولبو النداء وجائته الفزعة أسرع من الريح وكان من بين من فزع عسكري من الهجانة كان يزور أقاربه في الكوم اسمه "فياض الجرداوي" وكان شرس جدا ويقول عنه الشاعر:
ابن جرداوي حذاه الزوم .... زوم عتيج وانتم تعرفونه
انقض أهل الكوم بقيادة "أحمد العنوزي أبو هزاع" على فرسان قبيلة السبعة وكان الحر الأشعل من نصيب أحمد العنوزي فيقال حسب ما روي لي بأن أحمد العنوزي ( الذي يتمتع بهيبة وقوة عظيمة يعرفها من عاصره) قد رفعه إلى فوق ثم طرحه أرضا (اي شالو لفوق ورجدو بالأرض ) وفي هذا قال الشاعر:
زراعة للبصل والثوم .... الحر الأشعل يقهرونه
انتهت المعركة بطرد الخيالة من الكوم بعد ضربهم ومصادرة سلاحهم فتنبه عنوزي للعواقب القادمة فأمر أهل الكوم بالرحيل إلى السخنة تجنبا لما سيحل بهم إذا ما علمت باقي قبيلة السبعة لما حل بفرسانهم وبالفعل كان عنوزي على حق وما هي إلا ساعات حتى هاجم الكوم أكثر من 300 خيال ولكن لم يجدوا أحدا بها.
توجه عنوزي بعدها إلى تدمر وعن طريق ضابط من عائلة الأتاسي استطاع عنوزي مقابلة المندوب السامي الفرنسي الذي كان يتحدث بعض العربية وشرح له القصة فأرسل المندوب السامي إلى راكان ليحضر وعندما حضر راكان كشر في وجهه المندوب السامي وشده من أنفه بأصابع يديه وقال له: "اللي يقرب على عنوزي يقرب على شرف فرنسا العظمى"
قال الشاعر:
راكان بالك تطب الكوم ..... الكوم بالكم تطبونه
ترى السخاني عليكم قوم .... كل من تحيزم بكبسونه
هذه أبيات القصيدة
راكان بالك تطب الكوم
والكوم بالك تطبونه
ترى الصخاني عليكم كوم
كلن تحيزم بكبسونه
بياعة للبصل والثوم
والهوش صارو يعرفونه
فرخ الحدي وفرخ البوم
والحر الأشعل يهينونه
ابن جرداوي حداه الزوم
زوم كديم تخبرونه
وليا فزعم مع بعضهم
طريحهم لا ترجونه
هذه القصيدة أرسلها الزعيم أحمد المرعي أبو مرعي يعبر بها عن دعمه وحبه وانتمائه لأهله وأقاربه السخاني في الكوم ويثني على نضالهم بأن جعلوا من الكوم حاضرة سخنية بحتة بعد طردهم كل من تسلط وعاث بها فسادا يقول:
الصورة للزعيم أحمد المرعي أبو مرعي سيف السخاني في الرقة |
يا بو علي خلك معي مطواع ...... وبالله عليك انحر أمام المصلي
تلفي على نصر بالكوم زراع ....... قرم لا جوه النشامة يهلي
على هلا وترحيب وزينة طباع … كريم وفهيم ودوم من العطا ما يملي
أديب ودوم للكبير مطواع ...... والرب للمثله دوم ما يخلي
حيد تقدم ودلال واقفات شراع .. وليا نظرت بوجهه عن كل هم يسلي
راعي صينية يرمي بها زين الأنواع .. يلحق بها الراعي الهزيل المثلي
أبوه وجده للطيب منكاع ....... راعي الأول اش ما قلت بيه ما نزلي
جده وعمامه كبيرهم ابو هزاع ... نزحو البدو عن الكوم بموازر ما تملي
أبو علاء بالمجالس زئير سباع ... خلف أبو أحمد والله ما نزلي
والصيت لولا فاعل الجود ما شاع ... ترى ما يسود بالقوم بخيل مذلي
ونطلب ممن خلق كوكب الكاع ..... يفكك من الحساد وأهل قلوب المغلي
ونختم قولنا بمن دينه شاع ....... ومن بعد دينه كل دين يولي
مصدر المقال صفحة حسين نصر العنوزي
هذا الحكي كلو كذب
ردحذفما بينشال مالك حق
بنشرو
يمكنك مراجعة مصدر المقال
حذف