الموقع الإلكتروني الخاص بصفحة السخنة الحدث والذي يتضمن نشر كافة المنشورات المهمة والمقالات الخاصة والتاريخية لمنطقة بادية السخنة وريفها والقرى التابعة لها ، مقالات أخبار ومقالات تتضمن تاريخ المنطقة وخاصة عن مدينة السخنة قديما

آخر الأخبار

الاثنين، 6 مايو 2019

قصة حقيقية لواقع آليم تعيشه عائلات النزوح في المخيمات

ساعة واحدة من معاناة أهالينا في التشرد ( قصة حقيقة ) 


وقت الظهيرة, وحرارةُ الشمسٍ تَكاد تَكوي أجسامَهُم مِن شِدة حرها, والغبار يَملأ أماكنهم, تجلس العائلة في ظل بيتهم الذي بَنوهُ مِن طين. يُخَيِم الهدوءُ على المكان حتى لا تكاد تَسمَعُ هَمساً.


ساعة واحدة من معاناة أهالينا في التشرد ( قصة حقيقة )

قصة من واقع حزين

كُلَ فردٍ من أفرادِ الأسرة يَغِطُ في حالةِ سكونٍ وتفكيرٍ عميقة, وكُلٌ يَحلمُ بشيءٍ يشد تفكيره وَيَستَحوذ على خياله. يترائى للطفلة الصغيرة منظر ألعابها التي تركتها في منزلها وقت نزوحهم مٍنَ البلدة تَحتَ وَطأةِ القصف العنيف.



والطفلُ ذو التسع سنوات يَحلم بوجبةِ طعامٍ دسمة لم يتذوقها مُنذُ أكثَرَ مِن عام. الأم كعادتها تصلي وترفع يديها للسماء متضرعةً لله عز وجل أن يُغيثَهُم مِما هُم فيه. والأبُ غارٍقُ في التفكير من أينَ مُمكن لهُ أن يؤَمِنَ مبلغاً يٌقارِب الثلاثة آلاف ليرةً سورية ثمن برميلٍ من الماء ورَبطةِ خبز وشيءٍ من الطعام البسيط الذي ممكن أن يُسكِتَ أطفالِه لمدة يومٍ واحد.

يقطع السكون بكاء الطفل الرضيع ذو الشهرين بسببِ مَغصٍ أَلَمّ بِهِ مٌنذُ البارحة ولا يستطيع أبواه علاجه بسبب الحاجة. حالَةٌ مِنَ اليأسِ تُخَيِم على المكان. وشعور الأبوان بالحزن والألم والخذلان لا تستطيع كلماتنا البسيطةِ هذه أن تشرحه.

يُسمَعُ صوتاً ينادي بالخارج يا أبا فُلان. يخرج الأبُ مُسرِعاً والأطفال يهرعونَ خَلفَه والأُمُ تَقِف خَلفَ قطعة القماش التي تتدلى من السقف كبديلِ عن الباب لتسترق السمع. يبتسم المنادي ويقول للرجل معي لَكَ أمانةً من فاعِلِ خَيرٍ من أبناءِ بَلدَتنا في الخارج. مبلَغاً يكفيك وعائلتك لمدة شهرٍ من الزمن. 

تَتَفَتَح الأزهار فَجأةً في قُلوبِ الجميع وتسري دِماء الأَمَل والتفاؤلِ في عُروقهم. تَغرَورَق عيون الأب والأُمِ بالدموع وتملأ ابتسامَةِ الأطفال أرجاءَ المكان. لم تَذهّب دُعَواتِ الأُمِ وَصَرَخاتِ الرضيعِ سُداً.

يقول الأبُ لِلبَشيرِ مَن هُوَ هذا الرجل الذي تَذّكّرّنا من آلاف الأميال وحّسّ بِأّلّمِنا ومصابنا. يُقاطع كلامهُ صراخ الأم من شدة الفرح وتطلب من زوجها أن يذهب ويحضرَ ما يُسكِتَ جوعها وجوعِ أطفالها و أن يعطيها جزءاً من المبلغ لتعطيه لجارتها وأطفالها الذين كانوا يأنونَ طوال الليلِ مِن شدةِ الجوع. تهرع نحوها مسرعةً والنقود في يديها فَتَرى جارتها فَرِحَةً مَزهوةً تدورُ في محيطِ خيمتها فتعرف منها أنهُ وَصَلَها أيضاً نفس المبلغ وأنها ذاهبة لتحضر نواقصها وما يحتاجه أطفالها من طعامٍ وشراب وبعض الحاجيات. 

لم يعتد أهالي السخنة أن يصلوا إلى مثل هذه الدرجة من الحاجة. ولم نسمع على مر السنين والأجيال السابقة أن وصلنا لمثل هذه المرحلة. بل كان أهالي السخنة الكرماء يرسلوا المساعدات لكل من يعرفوه محتاجاً خارج السخنة بسبب قلتهم بل وندرتهم داخلها.


والآن وبعد هذه السنين الطويلة من الحرب التي لا نعرف متى سوف تتوقف وبعد سلسلة التهجير التي يعاني منها أهالينا وطائرات الموت تلاحقهم من مكان لآخر, أصبح أغلب الموجودين من أهالينا في تلك المناطق بحاجة للدعم والمساعدة. وهذه القصة تسرد حال عائلة من أبناء بلدتنا لمدة قصيرة من الزمن "ساعة واحدة فقط" . فمعاناتهم ومآسيهم وأحزانهم التي يُعانوها يومياً تحتاج كتباً ومؤلفات لتصف هولها وآلامها.


هناك تعليق واحد:

  1. حسبنا الله ونعم الوكيل اللهم عجل بفرجك على العباد والبلاد

    ردحذف